طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ.
متى 5 : 8
أنقياء القلب ذوو بساطة روحية تنعكس على قلوبهم فتزيدهم صفاء . فقنى القلب صاحب روح وديعة و بسيطة كالطفل , لا يستمدها من أخلاق مصطنعة , و انما هى خصال يهبها الله كطبيعة جديدة للانسان الوديع المحب الذى ارتوى من نهر نعمة الله .
لذلك نسمع السيد المسيح الذى ظهر لـ"فيبى" المتنصرة, يقول لها عندما ارتبكت و اضربت من ملاحقة الذين ارادوا الفتك بها : " انظرى الى " , " انظرى الى " . لا نظرة العين , بل نظرة القلب التى حققها موسى بأمر الرب أن يصنع حية نحاسية يرفعها على صارى , حتى اذا نظر اليها الذين كانت الحيات المحرقة تلدغهم يبرأون فى الحال . و كان هذا تشبيها لما سيكون من أمر المسيح و ابليس الحية القديمة قتال الناس منذ البدء ( وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ يوحنا 3 : 14, أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ. يوحنا 8 : 44 ) . فكل من نظر الى المسيح بالروح و الحق يبرأ من ملاحقة أعدائة .
هكذا الذين ينظرون بقلوبهم بالروح الى المسيح , تبرأ قلوبهم من كل غش او فساد , و تتنقى و تصفو كالنور . لأن من كثرة النظر الى المسيح فى انجيلة المقدس و فى وصاياه المعزية , تستنير أعين قلوبهم و تتنقي من شوائب العالم , التى تعكر من صفاء القلب و الروح .
و من كثرة النظر الى المسيح تخترق عيونهم حجب الظلمة التى تصيب القلوب من جراء سماع قباحات العالم و النظر اليها فى ما يسمى بالتلفزيون و الصور الخارجة عن حدود الادب , التى تسد منافذ النعمة و تعمى عيون القديسين .
فنقاوة القلب فى هذه الايام بضاعة نادرة , لا يهنأ بها الا الذين ضاموا عن الدنيا و مباهجها . فطوبى لاولائك الاحبة الذين أخرجوا هذه التلفزيونات من بيوتهم , و هيأوا للمختارين فرص القداسة رحمة بمستقبلهم العتيد ان يكون .
أعرف سيدة نبيلة تحسب من القديسات , ظلت تترجى زوجها أن يتخلص من التلفزيون الذى يلهى الاولاد عن الله و الطهارة و الدراسة ايضا . و أخيرا استجاب لها , و أخذ التلفزيون و نزل من البيت و وضعة على الرصيف , و وقف هو و زوجتة يترقبون مصيرة . و لكن مر علية كثيرون و هم مستغربون الامر , و أخيرا جاء انسان و التقط التلفزيون و جرى و هو يبتفت وراءه .فما كام من السيدة النبيلة الا ان صفقت بيديها و شكرت الله و زوجها , و عاشت الاسره فى خوف الله و تربى الاولاد عى التقوى .
يا ليت اولاد الله يسمعوننى اليوم و يتخلصون من هذا الوباء الاخلاقى, الذى يفسدالنفوس و القلوب . و ان كانت الاسرة لم تشتر بعد هذه المسيبة , فياليتها لا تشترى بيديها خراب أخلاق الاولاد , بل و ربما الكبار أيضا .
فالعالم اليوم و صاحب هذا العالم دخل كل البيوت , و أفسد قلوب النشء الذين هم ذخيرة الكنيسة , و فقدوا نصيبهم فى ميراث المسيح و شركتة السعيدة .
و يكفى جدا رجاء المسيح , أن طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله . فهل نعاين التلفزيون بعد أو نعاين الله ؟ احكموا انت حكما عادلا و لا تخيبوا ظن المسيح فيكم , فتحكموا على انفسكم بالحرمان من ملكوت الله و معاينة الحياة الابدية فى ملك الله السعيد